1. غالى يسارٌ واستخفَّ يمينُ | بك يا لكهنك لا يكاد يبين |
2. تُجفى وتُعبد والضغائن تغتلي | والدهر يقسو تارةً ويلين |
3. وتظلّ أنت كما عهدتُك نغمة | للآن لم يرقى لها تلحين |
4. فرأيت أن أرويك محض رواية | للناس لا صور ولا تلوين |
5. فلا أنت أروع إذ تكون مجرداً | ولقد يضر برائع تثمين |
6. ولقد يضيق الشكل عن مضمونه | ويضيع داخل شكله المضمون |
7. إني أتيتك أجتليك وأبتغي | ورداً فعندك للعطاش معين |
8. وأغض عن طرفي أمام شوامخ | وقع الزمان وأسهن متين |
9. وأراك أكبر من حديث خلافة | يستامها مروان أو هارون |
10. لك بالنفوس إمامةٌ فيهون لو | عصفت بك الشورى أو التعيين |
11. فدع المعاول تزبئر قساوةً | وضراوةً إن البناء متين |
12. أأبا تراب وللتراب تفاخر | إن كان من أمشاجه لك طين |
13. والناس من هذا التراب وكلهم | في أصله حمأ به مسنون |
14. لكن من هذا التراب حوافر | ومن التراب حواجب وعيون |
15. فإذا استطال بك التراب فعاذرٌ | فلأنت من هذا التراب جبين |
16. ولئن رجعت إلى التراب فلم تمت | فالجذر ليس يموت وهو دفين |
17. لكنه ينمو ويفترع الثرى | وترف منه براعمٌ وغصون |
18. بالأمس عدت وأنت أكبر ما احتوى | وعيٌ وأضخمُ ما تخال ظنون |
19. فسألت ذهني عنك هل هو واهم | فيما روى أم أن ذاك يقين |
20. وهل الذي ربى أبي ورضعت من | أمي بكل تراثها مأمون |
21. أم أنه بعد المدى فتضخمت | صور وتخدع بالبعيد عيون |
22. أم أن ذلك حاجة الدنيا إلى | متكامل يهفو له التكوين |
23. فطلبت من ذهني يميط ستائراً | لعب الغلوُّ بها أو التهوين |
24. حتى أنتهى وعيي إليك مجرداً | ما قاده الموروث والمخزون |
25. فإذا المبالغ في علاك مقصر | وإذا المبذر في ثناك ظنين |
26. وإذا بك العملاق دون عيانه | ما قد روى التاريخ والتدوين |
27. وإذا الذي لك بالنفوس من الصدى | نزر وإنك بالأشد قمين |
28. أأبا الحسين وتلك أروع كنيةٍ | وكلاكما بالرائعات قمين |
29. لك في خيال الدهر أي رؤى لها | يروي السَّنا ويترجم النسرين |
30. هن السوابق شزبا وبشوطها | ما نال منها الوهن والتوهين |
31. والشوط مملكة الأصيل وإنما | يؤذي الأصائِل أن يسود هجين |
32. فسما زمان أنت في أبعاده | وعلا مكان أنت فيه مكين |
33. آلاؤك البيضاء طوقت الدُّنا | فلها على ذمم الزمان ديون |
34. أفق من الأبكار كل نجومه | ما فيه حتى بالتصور عون |
35. في الحرب أنت المستحم من الدِّما | والسلم أن التين والزيتون |
36. والصبح أنت على المنابر نغمة | والليل في المحراب أنت أنين |
37. تكسوا وأنت قطيفةٌ مرقوعةٌ | وتموت من جوع وأنت بطين |
38. وترق حتى قيل فيك دعابة | وتفح حتى يفزع التنين |
39. خلق أقل نعوته وصفاته | أن الجلال بمثله مقرون |
40. ماعدت ألحو في هواك متيماً | وصفاتك البيضاء حورٌ عين |
41. فبحيث تجتمع الورود فراشة | وبحيث ليلى يوجد المجنون |
42. وإذا سئلت العاشقين فعندهم | فيما رووه مبرر موزون |
43. قسماً بسحر رؤاك وهي إلية | ما مثلها فيما أخال يمين |
44. لو رمت تحرق عاشقيك لما ارعووا | ولقد فعلت فما ارعوى المفتون |
45. وعذرتهم فلذى محاريب الهوى | صرعى ودين مغلق ورهون |
46. والعيش دون العشق أو لذع الهوى | عيش يليق بمثله التأبين |
47. ولقد عشقتك واحتفت بك أضلعي | جمراً وتاه بجمره الكانون |
48. وفداء جمرك إن نفسي عندها | توق إلى لذعاته وسكون |
49. ورجعت أعذر شانئيك بفعلهم | فمتى التقى المذبوح والسكين |
50. بدر وأحد والهراس وخيبر | والنهروان ومثلها صفين |
51. رأس يطيح بها ويندر كاهل | ويد تجذ ويجذع العرنين |
52. هذا رصيدك بالنفوس فما ترى | أيحبك المذبوح والمطعون |
53. ومن البداهة والديون ثقيلة | في أن يقاضى دائن ومدين |
54. حقد إلى حسد وخسة معدن | مطرت عليك وكلهن هتون |
55. راموا بها أن يدفنوك فهالهم | أن عاد سعيهم هو المدفون |
56. وتوهموا أن يغرقوك بشتمهم | أتخاف من غرق وأنت سفين |
57. ستظل تحسبك الكواكب كوكباً | ويهز سمع الدهر منك رنين |
58. وتعيش من بعد الخلود دلالةً | في أن ما تهوى السماء يكون |
السبت، 26 أغسطس 2017
قصيدة غال يسار واستخف يمين - الدكتور الشيخ أحمد الوائلي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق